"الأهلى مع بركات .. شكل تانى" !
لم أخطئ عندما وضعت صورة "محمد بركات" بشكل فردى قبل هذا اللقاء الحاسم ، فقد اقتنعت تماما بأنه سيكون "كلمة السر" المعتادة فى مباريات الأهلي طيلة سنوات أخيرة ، كان هو الأبرز والأكثر إحداثا للفارق الضخم فى نتائج وأداء الفريق ، ولا أود ان يظهر الأمر على أنه محاباة أو تحيز للاعب ، لأني أراهن أن كل متابعي كرة القدم المصرية يدركون جيدا أن "بركات" لاعب مختلف تماما ، كأنه من بلد آخر أو كوكب مختلف عن الكرة المصرية ، ولن أكرر حديثي حول سرعته ومهارته وردة فعله المختلفة تماما عن أى لاعب مصرى عبر تاريخ طويل .. لكنى سأكتفي بتوجيه الشكر لهذا اللاعب الرائع على منحه الفرصة الكبيرة للعديد من الناشئين وصغار السن الذين قد يحلمون يوما بأن يكونوا فى مثل سرعته ومهارته ... لأنى أتمنى شخصيا أن نمتلك 30 لاعبا فقط من عينة بركات ، وقتها سنرى كرة قدم مصرية شبيهه بالعالمية ... ولأنه "ملك الحركات" ، فقد وضع الأهلي فى دوري المجموعات ( حتى إشعار آخر لا قدر الله ) ليستمر مسلسل تألقه وتوهجه مع الفريق صانعا معه تاريخا لن ينسى أبدا
قبل الخوض فى الحديث عن المباراة ، لا يمكن أن نمر مرور الكرام عما حدث بين جنبات استاد القاهرة ، لأن الكل يخشى من تبعاته حتى لو كان الحديث مطمئن بعض الشئ حول تأهل الأهلى بالفعل وتلقيه فقط عقوبات مالية أو نقل مباراة خارج الأرض ، ولو حدث ما لا يحمد عقباه ، فلن تنسَ جماهير الأهلى – سواء من أشعلت الشماريخ أو استخدمت الليزر ، أو حتى شاهدت المباراة بهدوء – تلك اللقطات التى أراها بلا معنى ، فى تكرار لحالة جنون عجيبة صارت تضرب كل جوانب الحياة المصرية .. وكل ما أقوم بعمله هو توجيه سؤال واحد لهؤلاء الشباب ، ما معنى ( جمهوره ده حماه ) التى تتغنون بها ويرددها كل أهلاوى خلفكم ؟ .. وهل ما حدث أمس هو تطبيق حقيقى لمعنى الجملة ؟
تحفظت كثيرا على التشكيل الأساسى للمباراة ، وتواردت بعض الأخبار عن إصابة معوض وبركات ، ولكن مشهد الأخير تحديدا ودخوله إلى الملعب قبل انتهاء الشوط الاول يؤكد جهازيته ، كما تحرك معوض بشكل يؤكد سلامته ، وهذا ما يدعو للعجب ، فلماذا لم يدفع بهما جوزيه منذ البداية ، خاصة أن وجود "بركات" تحديدا قلب المباراة من الرتابة وعدم الابتكار إلى مرحلة الخطورة الحمراء الكبيرة ، والتى نجح هو شخصيا فى قنص نقاط المباراة بفعل تحركاته الساحرة وسرعته الفائقة ! .. وأثبت دخول "دومينيك" حاجة الفريق لهذا المثلث الهجومى الهام ، إذن ما الداعى لترك تلك الأوراق الرابحة منذ البداية ؟ وألم يكن من الأفضل البدء بها وإنهاء المباراة مبكرا ؟
ليس تقليلا من أيمن أشرف ، والذى قدم أداءا جيدا سنشرحه تفصيليا لاحقا ، ونفس الأمر ينطبق على اينو ، ولكن قيام جوزيه بسحب الأخير مبكرا أثبت أنه أدرك عدم جدوى اللعب بثلاثى وسط بلا أى فعالية هجومية ولا تسديدات على المرمى إلا قرب نهاية الشوط الأول ، عقب نزول "بركوته" .. ولكن خبرة معوض أيضا كانت كفيلة بتشكيل جبهة يسرى أكثر قوة وبشكل مستمر يرهق الفريق المنافس ( العادى جدا ) والذى خُدِعْنا فيه جميعا .. حيث قدم أداءا تقليديا بلا أى خطورة تكاد تذكر طوال المباراة !
الشوط الأول ، كان مثالا للبطء الشديد فى كل شئ رغم الاستحواذ الكبير جدا على الكرة بشكل رقمى هائل بالفعل ولكنه بلا خطورة ، فلم نرَ أى تسديدة للفريق إلا بعد مرور ربع الساعة الاول وربما أكثر ، ولم تكن بقوة أو مؤثرة بشكل كبير ! .. كما فشل الفريق فى استغلال السيطرة بسبب قلة التحركات بدون كرة ، فالكل يمرر ويقف ، وهكذا ، لا يجد الزميل مساحة رؤية أمامه كافيه لتمرير الكرة إلى زميل آخر ، وتسبب هذا فى كثرة فقد الكرة فى الفترة الأولى من المباراة بشكل كبير ..
الكرات العرضية الكثيرة كانت خاطئة فى الغالب ، سواء بتمرير قوى مبالغ فيه أو توجيهها فى عكس اتجاه حسنى وجدو الذين تأخرا أحيانا عن التواجد فى التوقيت المناسب داخل منطقة جزاء المنافس ، وهذا ما سبب أيضا قلة التحركات الهجومية المؤثرة ، إلا أن هذا فجأة اختفى أغلبه عقب نزول "بركات" ، ببساطه لأنه تحرك بشكل سريع كعادته للأمام والخلف مانحا الفرصة لفريقه بأن يمرر إليه ثم يمررها هو بشكل دقيق ، بالإضافة إلى منح حرية إلى حد ما للثنائى الهجومى بعد قيامه بخلخلة دفاع ووسط المنافس بكثرة تحركاته كالنحلة التى لا تهدأ
ظهرت خطورة الفريق أيضا مع حيوية "بركات" وضغطه المستمر على دفاع المنافس واقتناصه عدة كرات ( مكررا نفس الأداء فى مباريات سابقة ) صنع بها هجمات خطرة للغاية ، كما كرر كرة الهدف نفسها 3 مرات كانت الثالثة هى الهدف ، وحرمه الحكم من ركلة جزاء نتيجة عرقلة واضحة داخل المنطقة .. وبلا أى مبالغة ، فإن "بركات" كان العقل المفكر والدينامو المحرك للفريق فى تلك المباراة تماما ..
رغم أن محاولات الفريق على المرمى لم تزد كثيرا فى الشوط الثانى ، إلا انها أصبحت أكثر قربا وخطورة ، مع تعدد الهجمات خاصة من الجبهة اليسرى التى صال وجال فيها بركات ، وتبادل أحيانا التواجد فيها مع جدو ، وزاد ضغط الاهلى بعد كثافة الهجوم ، بوجود حسنى وجدو ودومينيك وبركات مع مساندة فتحى وثنائى الوسط ، وتحسن كل هذا تماما فى الشوط الثانى بفضل تحركات بركات وتوزيع الكرات بين عاشور وشوقى بشكل مستمر وكبير ، حتى ولو تأخرت بعض الشئ أحيانا ، إلا أن الشكل الهجومى للفريق نجح فى الوصول إلى المرمى وتسجيل هدفا وإضاعة هدفين على الأقل !
وأتفق تماما مع "جوزيه" فى خروج حسنى فى آخر ربع ساعة افتراضية خاصة بعد اختفائه قليلا ، ووجود باقى قوته الهجومية المتاحة فى تلك اللحظة ، وضرورة تأمين الفريق ، بعد أن تخلى سابقا عن ظهيره الأيسر ولعب بشكل هجومى يقارب 4/2/4 و 4/4/2 عند الدفاع مع عودة بركات وجدو للخلف قليلا نحو الوسط .. واكتفى الرجل بمغامرته التى أسفرت عن هدف ، وأيقن قدرة فريقه عى إحراز هدف آخر حتى لو تخلى عن أحد رأسى الحربة ، لأن الفريق كان قد ( ركب المباراة بلغة الكرة تماما ) ، بينما المنافس ينتظر هدية ساذجة ، لم يمنحه إياها أبدا لاعبو الأهلى .. وكان خط دفاع الفريق متميزا لدرجة رائعة فى لقاء الأمس .
نجح الفريق فى تحقيق فوز مقبول ، بأداء جيد فى الشوط الثانى ، وتأهل إلى دورى المجموعات على أرض الميدان ، ويبقى أن نتأكد من أن الاتحاد الأفريقى لن يعاقب الفريق بشئ سلبى يؤثر على هذا التأهل بإذن الله ... مباراة كانت عنق زجاجة فى بطولة هامة للغاية ، والقادم فيها سيحمل الجديد مع إضافات محتملة قوية للفريق فى مرحلة لاحقة ، كما أن هذا التأهل بمشيئة الله هو دفعة معنوية كبيرة جدا للفريق فى بطولة الدورى المحلى ، والذى بدأت يقترب فيها من الزمالك ربما لأول مرة منذ فترة طويلة للغاية ... وفى ظل الغيابات وأشياء أخرى ، يعتبر الفوز هو الأهم والتأهل هو الهدية الكبرى فى تلك الليلة ، التى لم يفسدها سوى مشهد بلا داع لازلت لا أفهم مغزاه حتى الآن
التحليل الرقمي للمباراة
** سدد الأهلى إجمالا 11 كرة على مرمى زيسكو ، مقابل 5 فقط على مرماه .. كان للاهلى 4 منها بين القائمين والعارضة مقابل 2 لزيسكو ، فى حين شكلت بعض التسديدات خارجهما للأهلى خطورة كبيرة وخاصة مع بركات ..
** لم يرتكب الفريق العديد من الاخطاء مقلما فعل فى المباريات الاخيرة ، مما يدل على تماسكه هذه المرة وتعامله الجيد والقوى مع أغلب التحركات للمنافس وخاصة فى وسط الملعب ، حيث لم تقترب الأخطاء من مناطق الخطورة سوى مرتين فقط من إجمالى 16 ، بينما اضطر المنافس لارتكاب 22 خطأ لإيقاف لاعبى الأهلى ..
** حصد الأهلى 7 ركنيات لم تشكل خطورة كبيرة ، مقابل 5 للمنافس بنفس الوضعية تقريبا .. كما لم تشهد المباراة عدد كبير من مرات السقوط فى مصيدة التسلل لكلا الفريقين !
** بطاقتان صفراويتان للاعبى زيسكو للخشونة ، وأعتقد أن الحكم كان يجب عليه التعامل بشكل أكثر قسوة خاصة مع تكرار العديد من المخالفات الواضحة العنيفة ..
** استحواذ كاسح كالعادة على الكرة ، بلغ ذروته فى الشوط الثانى وبشكل إيجابى أكثر من الشوط الأول .
** محمد بركات – رجل المباراة – وأسامه حسنى هما أكثر من سددا على المرمى ( 3 لكل منهما ) ، لكن كانت تسديدات بركات هى الأكثر فعالية ودقة على المرمى ومنها أحرز هدفه الرائع ، هدف التأهل .
** أيمن أشرف هو أكثر صانع لفرص التهديف بين كل لاعبى الفريق ، ومرر 3 تمريرات فعالة كلها فى الشوط الأول ، لكن تبقى تمريرة الهدف Assist لوائل جمعه ! ، وهى مهمة جديدة على اللاعب المخضرم الذى كان متميزا فى هذا اللقاء .
** ارتكب فتحى 3 أخطاء فقط ، وهو أكثر اللاعبين ، بينها واحدا فقط كان قريبا من منطقة جزاء فريقه وكاد أن يسبب خطورة لولا تدخل ناجح من حسام عاشور وأبعد الكرة تماما .
** 18 كرة عرضية ، وهو رقم يزيد عن مباريات سابقة ، بينها 7 صحيحة بنسبة دقة 40% .. وأكثر من مرر كرات عرضية كان فتحى ، حيث أرسل 11 كرة عرضية بينها 6 صحيحة بنسبة دقة 55% تقريبا ، ولا يزال يحتاج إلى المزيد من الجرعات التدريبية المكثفة من بيدرو كما حدث قبل هذا اللقاء .
** أحمد السيد هو أكثر من استخلص وقطع وشتت الكرات من الخصوم ( 15 كرة ) ، تلاه محمد شوقى (11) ثم جمعه (10) ..
** الثلاثى ( جدو ، أيمن و دومينيك ) هم الأكثر فقدا للكرة ( 5 مرات لكل منهم ) .. لكن الاكثر سلبية إلى حد ما هو دومينيك نظرا للعبه عدد دقائق أقل منهما !
** طبقا لإجمالى عدد التمريرات ومركزه ، فإن عاشور هو الأغزر والادق تمريرا ( 90% ) .. كما قدم بركات أداءا تمريريا مميزا حيث كانت كراته إيجابية فى مناطق الخطورة بدقة 86 % .
** أقل اللاعبين دقة فى تمرير الكرة كان حسنى ( 72% ) و فتحى ( 79% ) ..
** 22 هجمة نفذها لاعبو الأهلى طوال المباراة مقابل 10 فقط للخصم !
** اكتملت هجمات الأهلى فى 14 مرة ، بنسبة 64% ، مقابل 4 هجمات لزيسكو بنسبة 40% وبلا خطورة فائقة .
** أغزر الجبهات هجوما كانت الجهة اليمنى ( 9 ) ، بينما كانت الدقة الأكبر للهجوم من العمق ( 7 هجمات ) بنسبة 100 %
** شن المنافس أكبر عدد من هجماته من القلب والجبهة اليسرى لديه ، لكن الجبهة اليمنى الدفاعية للأهلى كانت الأفضل والأقوى حيث لم تكتمل من ناحيتها سوى هجمة صحيحة واحدة فقط
** الاهلى طوال المباراة هو الأغزر تمريرا للكرة وبفارق كبير .. لم يقترب منه زيسكو إلى خلال الفترة الاولى فقط فى الشوط الثانى !
** أفضل فترات الأهلى تمريرا للكرة كانت الربع ساعة الاخير وبفارق شاسع وبمعدل تمريرى هائل .. وأقل فترات التمرير لديه كانت فى الربع ساعة الأول من الشوط الثانى !
** زيسكو أيضا زاد عدد تمريراته فى الربع ساعة الأخير أيضا ، ولكن بفارق شاسع عن عدد تمريرات الأهلى ..
** تأرجح معدل التمرير الخاطئ بين الفريقين عبر فترات المباراة ، إلا ان تمريرات الاهلى الخاطئة كانت أكثر بدرجة قليلة جدا من منافسه .
** أسوأ فترات التمرير كانت خلال الربع ساعة الثانى من الشوط الأول .. بينما تراجع كثيرا فى الربع ساعة الاول من الشوط الثانى .
** زادت التمريرات الخاطئة للفريق الضيف كثيرا فى آخر فترات المباراة
** 55 تمريرة خاطئة بين أقدام لاعبى الأهلى .
** 30 منها كانت أمامية ، بنسبة 55% تقريبا ، معدل كبير ولكنه أقل من مباريات سابقة .
** التمريرات نحو اليسار زادت بفارق قليل إلى حد ما أيضا (14) حيث مال الملعب أيضا كثيرا ناحية اليسار خاصة مع وجود بركات وكثرة العرضيات من الجبهة اليمنى .
** محمد شوقى هو أكثر اللاعبين تمريرا خاطئا باتجاه الأمام (7 ) ، بينما كان فتحى الأغزر تمريرا خاطئا باتجاه اليسار (
وأيضا هو أكثر اللاعبين تمريرا خاطئا ( 13 تمريرة )
** نجاح كامل وتام لأحمد عادل عبد المنعم فى التعامل مع كل الاختبارات التى تعرض لها مرماه من تسديدات و عرضيات وخروج صحيح للمرمى او تشتيت الكرة عند الضغط عليه ( 100 % ) ..
** نجح فى إرسال الكرات الأمامية الطولية بنسبة 75% .. وهى واحدة من مبارياته الجيدة ، مع الوضع فى الاعتبار قلة التواجد الهجومى للمنافس وخطورته البسيطة !